رحلة أوباما مع التاريخ
بقلم : حازم عبدالرحمن
الليلة نحتفل بنهاية رحلة تاريخية, ونبدأ رحلة ثانية.. بهذه الكلمات, أنهي باراك أوباما مرحلة الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي الأمريكي أمام منافسته هيلاري كلينتون, والتي استغرقت16 شهرا, وبدأ الرحلة الأصعب لانتخابات الرئاسة ضد منافسه الجمهوري جون ماكين والتي ستجري يوم4 نوفمبر المقبل.(1) أصبح أوباما, أول أسود, يخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عن أحد الحزبين الكبيرين في السياسة الأمريكية, وللحق فإن الانتخابات التمهيدية التي جرت شهدت عملية صناعة للتاريخ بكل بساطة, عملية شارك فيها الناس العاديون من كل الأنواع. بمجرد إحصاء الأصوات وفرزها, وتعيين الفائز والخاسر. وأيا كان الفائز, أوباما أو منافسته هيلاري, فقد كان ذلك كفيلا بتحقيق هذه الصناعة ـ فقبل قليل من اشتعال حرارة السباق, كان الحديث يدور عن أن الأمريكيين شعب محافظ, وأنه لايمكن أبدا تصور أن يوافقوا علي تولي امرأة كرسي الرئاسة. وعلي الرغم من هزيمتها, فإن هيلاري كانت خصما عنيدا, ولم يزد الفارق بينهما عن5%.. وهذا يعني أنه كما أن هناك تيارا يؤيد ترشيح رجل أسود من أب كيني وأم أمريكية بيضاء من ولاية كانساس, فقد كان هناك تيار آخر لايقل قوة يؤيد ترشيح امرأة.وكل من يتابع محطات التليفزيون الأمريكية والأوروبية هذه الأيام, يجد البساطة التي يتم التعامل بها مع الاحتمال القوي لأن يصبح رجل البيت الأبيض من أصول إفريقية. فمحطة سي.إن.إن في لقطة سريعة ذكرت الجميع بالكفاح من أجل تحرير العبيد الذي بدأ عام1860 علي أيام ابراهام لينكولين, والحرب الأهلية التي اندلعت في ذلك الوقت, ثم مسيرة الحقوق المدنية للسود, بقيادة مارتين لوثر كينج, وكلمته الشهيرة عندي حلم ثم الشخصيات السوداء التي تملأ سماء العالم كله, مثل كولين باول وسيدني بواتييه, ودنزل واشنطن, ومورجان فريمان, ومايكل جوردان, وكارل لويس, وتايجر وود..الخ. ولم يقل أحد من المذيعين إن هؤلاء الرياضيين هم شخصيات تافهة لا قيمة لها, بل قالوا إنهم لعبوا دورا في تهيئة الرأي العام وإقناع الناس جميعا بأن الإنسان الأسود مؤهل لكل شيء ولأي شيء, مثله مثل الأبيض والأصفر والأحمر.(2) ولايعني هذا أن معركة أوباما المقبلة ستكون سهلة.. فلا جدال أنه كلما احتدم السباق بينه وبين ماكين, وكلما اقترب الموعد من يوم انتخابات الرئاسة, سيصبح الاستقطاب بين خصوم العنصرية وأنصارها شديدا, وقد لايكون من السذاجة تصور أن جزءا من صعوبة المعركة التي خاضها أوباما ضد هيلاري يعود إلي تمركز أنصار التفرقة العنصرية واصطفافهم وراءها.وتقول استطلاعات الرأي العام حاليا إنه علي الرغم من أن الحزب الديمقراطي يتفوق في كل القضايا بنسب تتراوح بين11 إلي25 في المائة في كل قضية علي الحزب الجمهوري, إلا أن أوباما لايتفوق علي ماكين إلا بنسبة1,6 في المائة فقط.ويشير هذا في جانب منه إلي وجود تباين واضح بين موقف الرأي العام الامريكي من الحزبين, وموقفه من المتنافسين الرئيسيين..هناك ايضا نقطة مهمة.. وهي أنه إذا كانت الغالبية العظمي من المواطنين الأمريكيين يكرهون سياسات الحزب الجمهوري, حتي أنه إذا قيل لهم إن الحزب الجمهوري يؤيد الشمس المشرقة, فإنهم سيرحبون بالضباب والغيوم ـ علي حد قول الكاتب ديفيد بروكس في النيويورك تايمز ـ فإنه يلاحظ أيضا أن نقطة الضعف الرئيسية في أوباما هي انخفاض شعبيته بقوة بين الطبقة العاملة البيضاء, والنساء البيض وهي التي كانت معقل قوة كلينتون.. والسؤال هو: هل سينجح أوباما في الفوز بتأييدهما له؟ ويقول بروكس إنه لا يكفي أبدا أن تكون شعبيته عالية ومرتفعة جدا, وله جاذبية شديدة بين المثقفين وذوي التعليم الراقي, فهؤلاء لا يصنعون رئيسا.. وهو يلفت النظر إلي أنه أيا كانت نقاط ضعف أوباما, إلا أن مصدر قوته ومنبع ضعف ماكين هو كراهية الغالبية العظمي من الأمريكيين للحزب الجمهوري بعد8 سنوات من حكم بوش.(3) لاجدال في أن الولايات المتحدة بلد مذهل ومدهش.. ففي عز فترة الحرب الباردة والصراع ضد الاتحاد السوفيتي, أطاحت برئيسها ريتشارد نيكسون من البيت الابيض, في الوقت الذي كان فيه ليونيد بريجنيف يتربع علي عرش الكرملين, ولايجرؤ أحد علي الاقتراب منه.وبعد سنوات ومع فورة الديمقراطية وسقوط نظم الحكم الشيوعية والاشتراكية في دول الكتلة السوفيتية, جرت محاكمة الرئيس السابق بيل كلينتون, وكاد أن يتم طرده من البيت الابيض لتورطه في الكذب تحت اليمين في فضيحة تورطه في علاقة مع متدربة.والآن.. ونحن في عصر العولمة.. وحيث يتدفق المهاجرون من كل مكان, لا علي أمريكا وحدها, بل علي كل بلاد العالم, حتي أوروبا, إذا بها تفاجئ العالم, والدنيا, باختيار أسود إفريقي الأصل ليشغل مكان الأبيض الاوروبي الأصل علي رأس قائمة الحزب الديمقراطي, وتبدي استعدادها الكامل لكي يتولي الرئاسة.من يصدق أن الرجل الأسود, الذي تم استقدامه عبدا ليعمل في مزارع القطن في الجنوب الأمريكي, انفتح أمامه الطريق خلال148 سنة من لحظة تحرير العبيد, ليصبح في إمكانه أن يدخل البيت الأبيض سيدا له؟
الليلة نحتفل بنهاية رحلة تاريخية, ونبدأ رحلة ثانية.. بهذه الكلمات, أنهي باراك أوباما مرحلة الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي الأمريكي أمام منافسته هيلاري كلينتون, والتي استغرقت16 شهرا, وبدأ الرحلة الأصعب لانتخابات الرئاسة ضد منافسه الجمهوري جون ماكين والتي ستجري يوم4 نوفمبر المقبل.(1) أصبح أوباما, أول أسود, يخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عن أحد الحزبين الكبيرين في السياسة الأمريكية, وللحق فإن الانتخابات التمهيدية التي جرت شهدت عملية صناعة للتاريخ بكل بساطة, عملية شارك فيها الناس العاديون من كل الأنواع. بمجرد إحصاء الأصوات وفرزها, وتعيين الفائز والخاسر. وأيا كان الفائز, أوباما أو منافسته هيلاري, فقد كان ذلك كفيلا بتحقيق هذه الصناعة ـ فقبل قليل من اشتعال حرارة السباق, كان الحديث يدور عن أن الأمريكيين شعب محافظ, وأنه لايمكن أبدا تصور أن يوافقوا علي تولي امرأة كرسي الرئاسة. وعلي الرغم من هزيمتها, فإن هيلاري كانت خصما عنيدا, ولم يزد الفارق بينهما عن5%.. وهذا يعني أنه كما أن هناك تيارا يؤيد ترشيح رجل أسود من أب كيني وأم أمريكية بيضاء من ولاية كانساس, فقد كان هناك تيار آخر لايقل قوة يؤيد ترشيح امرأة.وكل من يتابع محطات التليفزيون الأمريكية والأوروبية هذه الأيام, يجد البساطة التي يتم التعامل بها مع الاحتمال القوي لأن يصبح رجل البيت الأبيض من أصول إفريقية. فمحطة سي.إن.إن في لقطة سريعة ذكرت الجميع بالكفاح من أجل تحرير العبيد الذي بدأ عام1860 علي أيام ابراهام لينكولين, والحرب الأهلية التي اندلعت في ذلك الوقت, ثم مسيرة الحقوق المدنية للسود, بقيادة مارتين لوثر كينج, وكلمته الشهيرة عندي حلم ثم الشخصيات السوداء التي تملأ سماء العالم كله, مثل كولين باول وسيدني بواتييه, ودنزل واشنطن, ومورجان فريمان, ومايكل جوردان, وكارل لويس, وتايجر وود..الخ. ولم يقل أحد من المذيعين إن هؤلاء الرياضيين هم شخصيات تافهة لا قيمة لها, بل قالوا إنهم لعبوا دورا في تهيئة الرأي العام وإقناع الناس جميعا بأن الإنسان الأسود مؤهل لكل شيء ولأي شيء, مثله مثل الأبيض والأصفر والأحمر.(2) ولايعني هذا أن معركة أوباما المقبلة ستكون سهلة.. فلا جدال أنه كلما احتدم السباق بينه وبين ماكين, وكلما اقترب الموعد من يوم انتخابات الرئاسة, سيصبح الاستقطاب بين خصوم العنصرية وأنصارها شديدا, وقد لايكون من السذاجة تصور أن جزءا من صعوبة المعركة التي خاضها أوباما ضد هيلاري يعود إلي تمركز أنصار التفرقة العنصرية واصطفافهم وراءها.وتقول استطلاعات الرأي العام حاليا إنه علي الرغم من أن الحزب الديمقراطي يتفوق في كل القضايا بنسب تتراوح بين11 إلي25 في المائة في كل قضية علي الحزب الجمهوري, إلا أن أوباما لايتفوق علي ماكين إلا بنسبة1,6 في المائة فقط.ويشير هذا في جانب منه إلي وجود تباين واضح بين موقف الرأي العام الامريكي من الحزبين, وموقفه من المتنافسين الرئيسيين..هناك ايضا نقطة مهمة.. وهي أنه إذا كانت الغالبية العظمي من المواطنين الأمريكيين يكرهون سياسات الحزب الجمهوري, حتي أنه إذا قيل لهم إن الحزب الجمهوري يؤيد الشمس المشرقة, فإنهم سيرحبون بالضباب والغيوم ـ علي حد قول الكاتب ديفيد بروكس في النيويورك تايمز ـ فإنه يلاحظ أيضا أن نقطة الضعف الرئيسية في أوباما هي انخفاض شعبيته بقوة بين الطبقة العاملة البيضاء, والنساء البيض وهي التي كانت معقل قوة كلينتون.. والسؤال هو: هل سينجح أوباما في الفوز بتأييدهما له؟ ويقول بروكس إنه لا يكفي أبدا أن تكون شعبيته عالية ومرتفعة جدا, وله جاذبية شديدة بين المثقفين وذوي التعليم الراقي, فهؤلاء لا يصنعون رئيسا.. وهو يلفت النظر إلي أنه أيا كانت نقاط ضعف أوباما, إلا أن مصدر قوته ومنبع ضعف ماكين هو كراهية الغالبية العظمي من الأمريكيين للحزب الجمهوري بعد8 سنوات من حكم بوش.(3) لاجدال في أن الولايات المتحدة بلد مذهل ومدهش.. ففي عز فترة الحرب الباردة والصراع ضد الاتحاد السوفيتي, أطاحت برئيسها ريتشارد نيكسون من البيت الابيض, في الوقت الذي كان فيه ليونيد بريجنيف يتربع علي عرش الكرملين, ولايجرؤ أحد علي الاقتراب منه.وبعد سنوات ومع فورة الديمقراطية وسقوط نظم الحكم الشيوعية والاشتراكية في دول الكتلة السوفيتية, جرت محاكمة الرئيس السابق بيل كلينتون, وكاد أن يتم طرده من البيت الابيض لتورطه في الكذب تحت اليمين في فضيحة تورطه في علاقة مع متدربة.والآن.. ونحن في عصر العولمة.. وحيث يتدفق المهاجرون من كل مكان, لا علي أمريكا وحدها, بل علي كل بلاد العالم, حتي أوروبا, إذا بها تفاجئ العالم, والدنيا, باختيار أسود إفريقي الأصل ليشغل مكان الأبيض الاوروبي الأصل علي رأس قائمة الحزب الديمقراطي, وتبدي استعدادها الكامل لكي يتولي الرئاسة.من يصدق أن الرجل الأسود, الذي تم استقدامه عبدا ليعمل في مزارع القطن في الجنوب الأمريكي, انفتح أمامه الطريق خلال148 سنة من لحظة تحرير العبيد, ليصبح في إمكانه أن يدخل البيت الأبيض سيدا له؟
هناك تعليقان (2):
Can u belive he will succed ? for me:no
WHY NOT?
HOPE+WORK=SUCCESS
إرسال تعليق