حكايـة سياسية
بقلم : محمد عيسي الشرقاوي
عندما تخرج في الجامعة, عمل مدرسا.. وبرغم ولعه بالافكار ودراسته للفلسفة حلقت به اجنجة الخيال في مدارات الفن الجميل, ونشر روايته الأولي الغثيان عام1938... وانطلقت من حبكتها شهرته... وركض جان بول سارتر في دروب الدنيا واشتبك مع قضاياها اشتباكا حميما وعنيفا.. وصار نجما أدبيا وفيلسوفا..ولم يكن جان بول سارتر يحفل بالسياسة ابان سنوات شبابه الأولي, وإن كان ييمم عقله ووجدانه نحو اليسار.... وعندما تم تجنيده عام1939 ابان اندلاع الحرب العالمية الثانية, لم يشترك مع الجنود الفرنسيين في قتال الغزاة الألمان النازيين الذين احتلوا باريس... فقد كان بصره ضعيفا.. ووقع في أسر الألمان, ولكنه تمكن من الهرب بعد تسعة أشهر... وأنضم للمقاومة الفرنسية السرية..وأبدع سارتر فكرا فلسفيا رفيعا في كتابه المهم الوجود والعدم.. كما كتب روايات ومسرحيات شتي.... وكان يمشي دوما في طرقات باريس ويحلو له الجلوس علي مقعد في مقهي ليقرأ ويكتب.. وكان يؤمن بضرورة التزام الكاتب بقضايا الإنسان, ولذلك كان انخراطه في السياسة عظيما ومدويا... فقد هاجم بضراوة اجتياح الدبابات السوفيتية للمجر عام1956 وسحق إرهاصات الحرية التي قادها إيمري ناجي للافلات من الهيمنة السوفيتية... وفي ذات الوقت هاجم العدوان الثلاثي علي مصر. وعندما تفجرت الحرب الأمريكية علي فيتنام, شن سارتر هجمات سياسية ضد السياسة الأمريكية, واشترك في المظاهرات التي تندد بالحرب... وكان يؤيد الثورة الجزائرية وحركة التحرر الإفريقية... واتخذ من الجنرال ديجول الرئيس الفرنسي هدفا لانتقاداته... وصب عليه سيلا من مقالاته... وكان يري أن الجمهورية الرابعة قد قضت نحبها ويتعين تشييع جنازتها ودفنها. ولذلك انضم الفيلسوف مؤيدا ومناصرا لثورة الطلبة التي اندلعت في مايو1968, احتجاجا علي اختلال التعليم الجامعي, وطلبا للتغيير السياسي والاجتماعي... والقي كلمة موحية أمام الطلبة في ساحة جامعة السربون قال لهم فيها: أنبثق منكم ما يثير الدهشة.. سأدعوه توسيع نطاق حقول الممكن.... لا تتراجعوا...وكان من الطبيعي أن يؤرق مايو68 الجنرال ديجول بطل فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية... وبحث مع قادة الجيش احتمالات التدخل... وعندئذ اقترح عليه وزير الداخلية اعتقال سارتر... لكن الجنرال نظر إلي وزيره شذرا, ورفض اقتراحه وهو يقول: لا يمكن اعتقال فولتير, في اشارة إلي فيلسوف التنوير والثورة الفرنسية. واللافت للانتباه أن مايو68 لم يكن حدثا تاريخيا فرنسيا, وإنما كان حدثا كونيا, ذلك أن حركات الاحتجاج دوت, دون تخطيط أو تدبير مسبق, في دول أوروبا الغربية والشرقية... وامتدت إلي أمريكا والمكسيك والبرازيل, ولهذا يقول كاتب أوروبي في الذكري الأربعين هذه الأيام لمايو68.. إنه لم يوجد من قبل مثل68, ومن المرجح ألا يوجد مرة أخري...كان ذلك زمن الحلم الجميل بإمكان تحقيق اليوتوبيا... والمدن الفاضلة قبل أن تجتاح الدنيا أعاصير العولمة...غير أن الحلم لايزال يتوهج بالرؤي, برغم القيظ والغيظ...
عندما تخرج في الجامعة, عمل مدرسا.. وبرغم ولعه بالافكار ودراسته للفلسفة حلقت به اجنجة الخيال في مدارات الفن الجميل, ونشر روايته الأولي الغثيان عام1938... وانطلقت من حبكتها شهرته... وركض جان بول سارتر في دروب الدنيا واشتبك مع قضاياها اشتباكا حميما وعنيفا.. وصار نجما أدبيا وفيلسوفا..ولم يكن جان بول سارتر يحفل بالسياسة ابان سنوات شبابه الأولي, وإن كان ييمم عقله ووجدانه نحو اليسار.... وعندما تم تجنيده عام1939 ابان اندلاع الحرب العالمية الثانية, لم يشترك مع الجنود الفرنسيين في قتال الغزاة الألمان النازيين الذين احتلوا باريس... فقد كان بصره ضعيفا.. ووقع في أسر الألمان, ولكنه تمكن من الهرب بعد تسعة أشهر... وأنضم للمقاومة الفرنسية السرية..وأبدع سارتر فكرا فلسفيا رفيعا في كتابه المهم الوجود والعدم.. كما كتب روايات ومسرحيات شتي.... وكان يمشي دوما في طرقات باريس ويحلو له الجلوس علي مقعد في مقهي ليقرأ ويكتب.. وكان يؤمن بضرورة التزام الكاتب بقضايا الإنسان, ولذلك كان انخراطه في السياسة عظيما ومدويا... فقد هاجم بضراوة اجتياح الدبابات السوفيتية للمجر عام1956 وسحق إرهاصات الحرية التي قادها إيمري ناجي للافلات من الهيمنة السوفيتية... وفي ذات الوقت هاجم العدوان الثلاثي علي مصر. وعندما تفجرت الحرب الأمريكية علي فيتنام, شن سارتر هجمات سياسية ضد السياسة الأمريكية, واشترك في المظاهرات التي تندد بالحرب... وكان يؤيد الثورة الجزائرية وحركة التحرر الإفريقية... واتخذ من الجنرال ديجول الرئيس الفرنسي هدفا لانتقاداته... وصب عليه سيلا من مقالاته... وكان يري أن الجمهورية الرابعة قد قضت نحبها ويتعين تشييع جنازتها ودفنها. ولذلك انضم الفيلسوف مؤيدا ومناصرا لثورة الطلبة التي اندلعت في مايو1968, احتجاجا علي اختلال التعليم الجامعي, وطلبا للتغيير السياسي والاجتماعي... والقي كلمة موحية أمام الطلبة في ساحة جامعة السربون قال لهم فيها: أنبثق منكم ما يثير الدهشة.. سأدعوه توسيع نطاق حقول الممكن.... لا تتراجعوا...وكان من الطبيعي أن يؤرق مايو68 الجنرال ديجول بطل فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية... وبحث مع قادة الجيش احتمالات التدخل... وعندئذ اقترح عليه وزير الداخلية اعتقال سارتر... لكن الجنرال نظر إلي وزيره شذرا, ورفض اقتراحه وهو يقول: لا يمكن اعتقال فولتير, في اشارة إلي فيلسوف التنوير والثورة الفرنسية. واللافت للانتباه أن مايو68 لم يكن حدثا تاريخيا فرنسيا, وإنما كان حدثا كونيا, ذلك أن حركات الاحتجاج دوت, دون تخطيط أو تدبير مسبق, في دول أوروبا الغربية والشرقية... وامتدت إلي أمريكا والمكسيك والبرازيل, ولهذا يقول كاتب أوروبي في الذكري الأربعين هذه الأيام لمايو68.. إنه لم يوجد من قبل مثل68, ومن المرجح ألا يوجد مرة أخري...كان ذلك زمن الحلم الجميل بإمكان تحقيق اليوتوبيا... والمدن الفاضلة قبل أن تجتاح الدنيا أعاصير العولمة...غير أن الحلم لايزال يتوهج بالرؤي, برغم القيظ والغيظ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق