‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات -ابراهيم عيسى-جيهان السادات -سوزان مبارك-زوجات الرؤساء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات -ابراهيم عيسى-جيهان السادات -سوزان مبارك-زوجات الرؤساء. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، أكتوبر 30، 2009

سيدتان من مصر: بقلم إ براهيم عيسى


في مصر..

الرئيس صاحب سلطات مطلقة وكاملة وأبدية،

ويفعل ما بدا له ولا يناقشه أحد ولا يعارضه أحد ويرفعونه إلي مصاف الأنبياء والأولياء.
الرئيس هو الفرعون

كما أطلق الرئيس السادات

- رحمه الله-

علي نفسه.. وعلي سلفه.. وربما علي خلفه!
ما الذي يمكن إذن أن يحدث لأقرب الناس وألصق الناس بهذا الرجل الفرعون الإله المصري؟
زوجته طبعا، هل تتأثر بما يملك من صلاحيات ومن سلطات مطلقة؟
هل تؤثر في حكمه وقراره ورؤيته ومساره ومصائر شعبه؟
لم نحصل علي إجابات عن هذه الأسئلة

من حياة وكلمات السيدة تحية كاظم زوجة الرئيس جمال عبدالناصر.
ولم يجرؤ أحد علي أن يطرحها أو حتي يفكر فيها أمام السيدة سوزان مبارك

- قرينة الرئيس مبارك-

لكن وحدها السيدة جيهان السادات

هي التي خصت مصر

بحقائق وكواليس وأسرار مشاركة السيدة الأولي في حياة وقرارات السيد الأول!

كانت صريحة وواضحة وأمينة كعادتها؛

فهي سيدة عظيمة وراقية ولعلي بوحت أنني من مريدي سيرة وحياة هذه السيدة الرائعة،

وقد أمدتنا بمنهج نستطيع أن نطبقه علي الماضي والحاضر فنعرف كيف تشارك


(لا أقول تشترك)

السيدة الأولي في الحكم،

صحيح أنه لا يمكن نزع تأثير أي زوجة في زوجها إطلاقًا

ولا يمكن التعامل مع هذا التأثير

باعتباره سيئًا وسلبيًا ومرفوضًا فهذا كلام ضد المنطق وضد العقل وضد التاريخ..!

فالمتأمل للسيرة النبوية العطرة

يكتشف كيف كانت مثلاً

للسيدة أم سلمة

زوجة رسول الله

«صلي الله عليه وآله وسلم»

التي وصفها المؤرخون بأنها «محامية النساء»،

وقفات ومشورات كانت ضوءًا بازغاً ورؤية ثاقبة،

وعمل بنصيحتها رسول الله

«صلي الله عليه وآله وسلم»،

وهي كذلك من حقن المسلمين من فتنة هائلة ومهولة

كادت أن تقع من صحابة النبي

«صلي الله عليه وآله وسلم»

لما رفضوا وتمنعوا ومانعوا في عقد هدنة الحديبية،

الأمر الذي لم يعالجه وينهيه ويسحب من المشهد ثورته وضبابيته وملامح التمرد علي القرار النبوي،

إلا هذه السيدة العظيمة الجليلة،

حين أشارت علي النبي

«صلي الله عليه وآله وسلم»

بأن يقوم بالإحرام أمام صحبه

فيوقنون حزم الأمر وحسم الموقف فيستجيبون له ولتصميمه وهذا ما كان!

كما لا توجد قاعدة محتومة تقول إن الزوجة تتبع طغيان الزوج إن طغي،

فها هي امرأة فرعون

دليل من قرآننا الكريم

يشي ويفي:

(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ


إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ


وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)،

وكانت آسيا قد آمنت بموسي وقيل: هي عمة موسي آمنت به.

وفي التفسير أن فرعون اطلع علي إيمان امرأته فخرج علي الملأ فقال لهم:

ما تعلمون مَنْ آسيا بنت مزاحم؟ فأثنوا عليها. فقال لهم: إنها تعبد رباً غيري.

فقالوا له: اقتلها.

فأوتد لها أوتاداً وشد يديها ورجليها فقالت:

«رب ابن لي عندك بيتا في الجنة»

ووافق ذلك حضور فرعون، فضحكت حين رأت بيتها في الجنة.

فقال فرعون: ألا تعجبون من جنونها! إنا نعذبها وهي تضحك،

ثم قبضت روحها لتبقي رائحتها في التاريخ وفي.. القلوب».

المؤكد إذن أنه لا شيء مؤكد،

فقد تؤثر سيدة في موقعها هذا تأثيرًا مدهشًا مشرقًا وقد تفعل العكس،

وقد تتأثر بما يحيطها من مجتمع يتعبد في زوجها ويأتمر بسكناته وإشاراته وقد لا تتأثر،

وإن كان مجتمعنا هو الذي كشف نفسه لما اكتشف حقيقته،

وقال في مثله الشعبي الأكثر صدقًا وحكمة:

(قالوا لفرعون إيه فرعنك قال مالقتش حد يردني)

والثابت في مصر أنه لا أحد يرد الفرعون!

ولا أظنه يرد زوجة الفرعون!

تحكي السيدة جيهان السادات

في كتابها الأهم

(سيدة من مصر)

فتقول:

(الحكومة أيضاً أيدت أنور بقوة،

وبالقوة نفسها رفضت أن تصدقه

عندما أعلن في الربيع قراره بالتقاعد عن الحكم في عام 1982

- أي قبل عامين من انتهاء الفترة المحددة لرئاسته-

وكنت في الاجتماع السنوي للجنة المركزية للحزب الوطني عندما أعلن أنور قراره،

لكن أعضاء الحزب أخذوا يرددون: «للأبد.. للأبد»،

يجب أن تبقي للأبد يا سادات،

وابتسم أنور إزاء حماسة وإصرار حزبه،

وكان واضحاً أنه سعيد،

وبعد وقت قليل من الاجتماع

تم إقرار تعديل دستوري برفع النص الذي يحدد مدة الرئاسة بفترتين فقط،

وبذلك أصبح لأنور الحق في أن يسعي للفوز بفترة رئاسة أخري مدتها ست سنوات، وهو أمر لم تكن لديه رغبة فيه.
وقد حذرت أنور:

«أنهم لا يصدقون أنك ستستقيل، يجب أن تتقاعد بالفعل ولا تكتفي بأن تقول فقط إنك ستفعل».
وقال لي «لا تقلقي ياجيهان.. بمجرد استردادنا لكل سيناء فسوف أسلم الحكم لمبارك، لن أكون كالممثل العجوز الذي يظل باقياً علي خشبة المسرح طويلاً بعد أن يشعر المشاهدون بالملل منه).

أنا أيضا لم أكن لأصدق الرئيس السادات في أنه كان سيعتزل الحكم،

وإن كان صادقًا في نيته ما كان قد وافق علي تعديل المادة المشؤمة والمصيبة التي رزأ مصر بها وبأبدية الحكم «المادة 77»، ثم لم تحدث أي بادرة لا قبل ولا بعد السادات توحي بأن فرعون يتنازل عن الحكم، فضلاً عن أن اللحظة الوحيدة التي شعر فيها الرئيس جمال عبدالناصر بوجوب التنحي في شجاعة - اعترافاً بالهزيمة- عاد فاستجاب لمشاعر الجماهير، وليس لعقل الجماهير ولا لمنطق السياسة، لكن ما تحكيه السيدة جيهان يشرح لنا ما نراه حتي الآن من أن المحيطين بالرئيس يجعلون منه الحاكم المطلق والفرد ويزينون له حُسن وسوء عمله،

كما تكشف السيدة جيهان أن النفاق للرئيس يسري فى بلدنا مسري الدم،

(وقد حظي قرار أنور باحتجاز عناصر الشغب أخيراً


بتأييد مطلق من جانب وزراء زوجي وأعضاء حزبه، فلم يكن هناك ما هو أهم من منع أي صراع أهلي خلال المرحلة الأخيرة لعودة سيناء).
علي الجانب الآخر؛ فالمتأمل في مذكرات السيدة الأولي جيهان السادات يدرك

- دونما أي حاجة للنباهة-

أن الناس في كل عصر تشعر بنفوذ زوجة الرئيس وتتناقش حوله وتحكي فيه بل تتطاول عليه،

خذ مثلاً بما ترويه السيدة جيهان عن شيئين:

قوانينها.. وفسادها

فتقول بالنص:

(فجأة في كل مكان أذهب إليه أسمع شائعة أخري عن «فسادي».

وكان أنور أكثر هدوءاً مني في مواجهة معظم الهجمات التي كانت تشن ضده وضدي، وكان يقول لي: «إن هؤلاء المعارضين من أهل اللاءات، ولا تلقي بالاً لما يقولون، فإذا لم يجدوا أمراً تتورطين فيه فإنهم سيجدون شيئاً آخر ليرفضوه أو يشككوا فيه»،

لقد كان علي حق بالتأكيد، وكنت أعرف أنني لا أستطيع إرضاء كل شخص، لكنني أيضاً كنت أُعرب أنني لم آخذ أي شيء من مخصصات أعمال الخير، وقد حاولت أن أتجاهل الاتهامات الطائشة ضدي، إلا أنها ظلت ضارية، والهجمات استمرت:

«أنها تمتلك 35 سيارة مرسيدس خاصة بها،

ولقد مررتها من الجمارك بزعم أنها ستُستغل من أجل أعمال الخير».
- «لقد منحتها شركة كوكاكولا 100 ألف دولار من أجل مساعدة المعوقين

إلا أنها احتفظت بالمبلغ لنفسها».
- لقد استولت علي قطعة أرض كبيرة خارج الإسكندرية بعد أن وضعت اسمها فوقها واستولت عليها).
هذه الشفافية الرائعة التي حكت بها السيدة جيهان وفندت وواجهت وتهكمت ونفت لم تظهر إلا بعد غيابها عن مقعد السيدة الأولي،

ولنا أن نتصور أن المذكرات كذلك كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية

ومنشورة في دور نشر أمريكية

ما يجعل الشفافية ضرورة ومطلوبة ولعلها مفروضة،

وإن كان هذا التناول الواضح والصريح والفصيح لوضع السيدة الأولي والاتهامات الموجهة إليها يجعلنا نتمني أن نسمع، وأن نسمح بهذه الشفافية والصراحة أثناء الحكم وحين المكوث في المكانة وليس عندما تصبح الأحداث ذكري والاتهامات ذكريات

ثم نمضي إلي ما هو أهم وأعمق، حيث نعرف أن زوجة الرئيس قد تدفع بقوانين للتشريع والتطبيق مما يزيح أمامها أي اعتراض ويحول من أمامها إلي جنود من المدافعين والمدفوعين ومن المنافقين المؤيدين ليس بحثا عن مبدأ يزرعونه بل عن منفعة يحصدونها، تقول: (وزأر واحد من الشيوخ الأصوليين اعتاد أن يحمل علي الإصلاحات كل أسبوع بعد صلاة الجمعة قائلاً: «إن هذه هي قوانين جيهان وليست قوانين الإسلام. إن هذه القوانين التي تريدها سوف تحول الرجال إلي نساء، والنساء إلي رجال وسوف تتسبب في انهيار بنية الأسرة المصرية وتحول المئات إلي الكفر. إن هذه القوانين ضد الشريعة. ضد كلمة الله كما نزلت في القرآن ولم يندهش أحد منا لرد فعل هذا الشيخ. برغم أنني ذُهلت عندما أصبحت الإصلاحات تعرف بأنها «قوانين جيهان» وكان أول من أخبرني بذلك أستاذاً بالجامعة الأمريكية أراد أن يدير معي حواراً عن كتاب كان يؤلفه عن المرأة المصرية. قال لي ذات يوم: «أريد أن أتحدث إليك بخصوص قوانين جيهان فسألته «قوانين جيهان؟» ما هي هذه قوانين جيهان؟
فنظر إليَّ في دهشة: هذا القانون يسمي باسمك ومعروف للجميع أنك وراءه.

فقلت له: حسنا هذا يجعلني فخورة جداً ولو لم أنجز شيئاً آخر في حياتي فإن هذا يكفيني.
«قوانين جيهان»

ربما تسمع هذه الأيام صداها مع قانون تخصيص 64مقعدًا في البرلمان للمرأة وربما يكرر التاريخ نفسه مع تأكيد أن هذا القانون حق للمرأة المصرية نختلف في وسيلته لكننا لا نختلف أبدًا علي الحق ذاته!

اللافت هنا أن

السيدتين جيهان وسوزان تزوجتا من ضابطين

وأكملتا تعليمهما بعد الزواج والإنجاب

وحين كان الزوجان في السلطة،

ثم إنهما ابنتان لوالدتين تجري فيهما العروق الإنجليزية،

كما أنهما سمتا

- تيمنا بجمال عبدالناصر-

ابنهما البكر «جمال»!

منقول عن مقال

للصحفى والكاتب الأستاذ

إبراهيم عيسى

بجريدة الدستور